كِشْ ملك !

ذات يوم اطلت عليَّ احد المنافسات فى عالم البيزنس باحلامها ، جائزة لافضل فكرة مشروع تقني يمكن تنفيذه ، عرض على المسابقة صديقي وطلب منى ان اكون بها رئيسا للفريق المتقدم ، سالت على الجائزة فقال لى رقم اثار تفكيري ، فقررت الانضمام ، وما الخسارة ؟؟

لم ياخذ منى التفكير كثيرا ، فانا من مؤيدي استبدال المهن بالالات والحاسبات طالما ان هذا فى الامكان ، لسهوله عملها وسرعته بجانب دقته المتناهيه فى تحليل الامور والوصول للاستنتاجات الصحيحه ، فعرضت على صديقي فكرة برمجه جهاز يسير على قواعد وGuidlines  الطبيه لتشخيص الامراض بدلا من الاطباء او يمكننا القول لمساعده الاطباء

فنقوم ببرمجه الجهاز على قواعد التشخيص المتبعه فى اى مكان فى العالم وهى قواعد ثابته وواضحه ، اولها التاريخ المرضي وعن طريقه يقوم الجهاز بتوجيه مجموعه من الاسئله للمريض ثم يقوم بتحليل الاجابات لا ليقوم بالتشخيص ولكن لينتقل للمرحله التاليه

المرحله التاليه هي ثانى خطوة فى تشخيص المريض بعمل فحص سريري ، لم اعتقد ان الميزانيه الضخمه الخاصه بالفوز بالجائزه تكفي ليتم عمل روبوتات تقوم بالفحص السريري ، ولذلك فقد كانت تلك مهمة الطبيب ، القيام بعمل فحص سريرى بعناصره الاربعه ثم تدخيل البيانات للجهاز لتتم معالجة البيانات واخراج ترشيح لمجموعه من التحاليل والاشعات للوصول للتشخيص السليم

يخرج بعدها المريض الى غرفه التحاليل والاشعه والمربوطه تقنيا بجهاز التشخيص وفور خروج الاشعه تسير البيانات تلقائيا الى الجهاز ويتم تحليل البيانات لنخرج بالتشخيص النهائي للطبيب الذي يقوم بدورة بالتاكد من التشخيص بالاختبار التاكيدي للامراض التى لها اختبارات تاكيديه

لم اكتفي بفكره ، فقد حادثت صديق لي فى مجال البحث العلمى وعرضت عليه ان ينضم للفريق ووافق ثم حادثت اخر له خلفيه جيده عن فكره الذكاء الاصطناعى والبرمجه وكونا الفريق الخاص حتى اذ ما نجحنا انطلقنا للعمل على مشروع سوف يقلل من اخطاء الاطباء بقدر كبير جدا ويقلل من مرتبات الاطباء الباهظه حول العالم مما يساعد فى تقليل سعر الخدمات الطبيه بشكل كبير

هيكلت تلك الافكار فى عرض جيد وتأهلت للجنه فى مسابقه عالميه على امل ان يلعب الزهر معى ، وذهبت ، وجاءت لحظة عرضي ، وخرجت واثقا من نفسي ، امسك الميكروفون بيد واثقه واحادث العشرات والعشرات امامى عن مشروع ليس بالجديد كفكرة ولكن فى عالم الاعمال التنفيذ هو سيد المواقف وقد كنت واضعا لحسابات التنفيذ لتلك الميزانيه متاكدا من قدرتي على تنفيذ هذا المشروع

بعد الانتهاء من العرض تاملت نظرات كل الحضور لاجد نوع خاص من الانبهار ، فظننت انى انا الفائز والتفت الى لجنة التحكيم ، كانت لجنة التحكيم مزيجا ما بين كبارا عقلاء لا يدرون فى التكنولوجيا شئ كانت كلماتهم توجسا واستفسارا او صغارا لم تتسع افاقهم بعد كانت ارائهم غريبه الاطوار او محايدين يترددون فى دعم مشروع مجنون فى معاييرهم

ولكن الصدمه كانت فى تعليق احد المحكمين ثلاثيني العمر ” ودا مشروع عبد العاطى ؟ ” صدمت لوهله ، واستفسرت ماذا يقصد ، فقال ” جهاز ايه دا اللى يشخص مريض ما الناقص يعالجه ، انت بتكرر اللى عبد العاطى عمله بجهازه ” لم استطع فهم كيف له ان يحكم فى جزء طبي وهو استاذ فى كلية هندسه ، فقولت له ان طريقة التشخيص التى اعتمدت عليها هي الطريقه المتبعه فى العالم اجمع ، وان اى طبيب يتبع تلك الخطوات فى تشخيص المرض وان كنت لك اى صديق فى كلية الطب تستطيع الاستفسار عن المشروع قبل ابداء الفائز ، ولكن الموضوع لم يكن بتلك الاهميه بالنسبه له

لم تكن تلك النهايه ، بعد انتهاء تلك الجلسه عندما خرجت ، اكثر من شخص رأى ان مشروعى عظيم وانه يجب ان اؤمن به ، وحثنى الكثير على الاستمرار به ، وعندما خرجنا لنأكل من احد المطاعم استوقفنى شخصا هنالك وقال لى اليس انت من قلت كذا وكذا ، فأومأت برأسي ليشكر فى المشروع ويحثني على ان اكمله ، ولكن فعلا الغريب انى قابلت اناس بعدها بشهور ما زالوا يتذكرون تلك الكلمة الخاصه بي فى تلك المسابقة ، تذكروا تفاصيل نسيتها انا صاحبها

منذ زمن ونقول ان البيئة هنا ليست ارض خصبه للمشاريع الناجحه ، فلو كان ايلون ماسك مصريا لمات حسرة ، ولكن المشكله الحقيقيه ان المسابقات العالميه عندما تدخل مصر ، يتحكم فى انتقاء المشاريع مصريين بعقلياتهم الساذجه الجامده ، ليتم انتقاء مشاريع بمعايير صحيحه ولكن جامده ، لا تري الفرص ولا تدركها ، ولكن اليقيني ان اصحاب العقول المختلفه لا ينتظرون تلك الفرص ليثبتوا انفسهم ، فهم قوم خلقوا على الطريق ، واينما سد وُضِع وجدوا منه سبيلا افضل .

أضف تعليق